لقد أسّس داعش نفسه على أنّه جماعة إسلاميّة تسير بحسب التعاليم الدينيّة وتطبّقها بحذافيرها للحفاظ على القيم الدينيّة الّتي يتربّى عليها المسلمون. لقد اتّخذ داعش الإسلام والدين كحجّةٍ له لتبرير أعماله الإرهابيّة وعمليّاته المقيتة والشنيعة بحقّ الإنسانيّة، لدرجة أنّ القادة عيّنوا لجماعاتهم الإرهابيّة أفرادًا أطلقوا عليهم صفة “الشيوخ” ليقوموا بعمل شيخ الإسلام الفعليّ فيفرضوا على الشّعب القوانين ويرغمون المدنيين على تطبيق التعاليم الّتي يختارونها هم ويحدّدونها بأنفسهم لخدمة أجندة التّنظيم الإرهابيّ المتشدّد.
واللّافت أنّ هذه التعاليم والقيم والعادات الّتي فرضها قادة التنظيم وعناصره تبيّن عن الطابع الاستبدادي والمتشدّد الّذي يتصف به داعش. فالدين الإسلامي الحقيقي يعلّم على التسامح والمحبّة وتقبّل الآخر وحريّة الرأي، أمّا “الدين الإسلاميّ الداعشيّ” فلا يمتّ بصلةٍ لهذه الصفات الحميدة، فلا تُنسب إليه سوى الصفات السلبيّة الّتي تروّج لنشر الكراهية، والقتل، والدمار، والعقاب وغيرها من العواقب الوخيمة الّتي يتعرّض لها كلّ من يخالف الفكر الداعشي ويرفضه.
وكانت النساء في البلدان الّتي سيطر عليها داعش، من ضمنها العراق، أوّل من طُبّقت عليهنّ تعاليم داعش وقراراته الاستبداديّة. إذ حذّر داعش النساء في المدن الّتي يسيطر عليها من التعرض لأشد العقوبات إذا لم يرتدين النقاب الذي يغطي الوجه بالكامل. ووضع المتشددون المسلحون الذين أعلنوا الخلافة في مناطق من العراق والجوار قواعد لشكل الحجاب وكيفية ارتدائه، في إطار حملة لفرض تفسيرهم المتشدد للإسلام.وقال التنظيم في بيان “إن الشروط التي فرضت على المرأة في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسدّ ذريعة الفساد الناتج عن التبرج بالزينة وهذا ليس تقييدا لحرية المرأة بل هو وقاية لها حتّى لا تتعرّض للإهانة والابتذال وأن تكون مسرحا لأعين الناظرين”.
كما أنّ داعش حذّر كل من لا يلتزم بهذه الفريضة بأنّه سيكون مدعاة للفتنة والسفور وسيكون تحت طائلة المساءلة والحساب والعقاب، ظنًّا منهم أنّ ذلك هو صون للمجتمع المسلم من الأذى. ويعمل التنظيم بشكل ممنهج على التخلّص من أي تأثيرات دينيّة أو ثقافيّة يعتبرها لا تتماشى مع تعاليم الإسلام منذ اجتياحه الخاطف للعراق.