بعد تأسيسه وتوسيع نطاق انتشاره في دول شمال أفريقيا، أيقن داعش أنّه بهدف البقاء واستمرار التخطيط لأعمال إرهابيّة وتنفيذها يتعيّن عليه جمع الكثير من المال الّذي يكون كفيلًا بتأمين احتياجات العناصر الأساسيّة وكذلك الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة والملابس وكل المعدّات الضروريّة والمستلزمة لتنفيذ العمليّات الإرهابيّة والفرار من أيدي السلطات.
وتحقيقًا لذلك، حاول داعش تنويع دخله بطرق مختلفة فبدأ يبتكر الأساليب والوسائل للحصول على المال والتمويل من سرقات الآثار إلى مبيعات النفط في السوق السوداء والسطو على البنوك وغيرها من الأساليب الّتي مكّنت التّنظيم من جمع ثرواته.
لقد كان داعش يقصد الأماكن والمواقع الأثريّة في البلدان الّتي يحتلّها وكان يأمر عناصره بسرقة القطع الأثريّة الثمينة والّتي يمكن بيعها في السوق السوداء قبل تدمير الموقع بأكمله وتفجيره بهدف إخفاء كلّ دليل قد يورّط العناصر. وكان داعش يبيع التحف المسروقة مقابل مبالغ كبيرة للتجار في تركيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.
كما أنّ استيلاء داعش السريع على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي جعل من التّنظيم أغنى جماعة إرهابية في العالم، ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى حقول النفط في تلك المناطق، والتي أنتجت إيرادات من مئات الملايين من الدولارات. كما كان الحال في ليبيا والبلدان المجاورة الغنيّة بالنّفط.
على الرغم من هذه الموارد المتنوعة، بدأ داعش منذ العام 2014 تقريبًا يُعاني خسائر ماديّة كبيرة ولا سيّما أنّه بدأ يخسر الأراضي الّتي كان يحتلّها ويستغلّها لجمع ثرواته. فقد تمّ إجبار داعش على الخروج من معظم الأراضي التي استولى عليها وبنى معاقله فيها، كما حصل في المناطق اللّيبيّة المهمّة مثل درنة.
وهكذا، أصبح داعش يومًا بعد يومٍ يخسر مصادر تمويله ويفتقر إلى العناصر والأراضي، فكلما زاد إضعافه في ساحة المعركة، زادت صعوبة حصوله على الدعم والموارد الماديّة. وهذا ما أدّى بدوره إلى تشتّت مجموعات التّنظيم الّتي فقدت الثّقة بقاداتها الّذين باتت وعودهم زائلة وتضحياتهم زائفة.