لقد اعتمد داعش منذ نشأته وانتشاره على استراتيجيّات مختلفة ومبتكرة بغية البقاء والاستمرار من خلال جمع أكبر عدد ممكن من العناصر وتجنيدهم وتدريبهم على القتال في صفوف التنظيم من دون تردّد أو خوف. ومن بين الاستراتيجيّات الأكثر استخدامًا من داعش كانت استراتيجيّة الاستثمار في نساء التنظيم اللّواتي يُعتمد عليهنّ في التجنيد وتغذية عقول الصغار بالفكر المتطرف.
وتجدر الإشارة إلى أنّه بعد مقتل البغدادي، زعيم داعش السابق، وتعيين زعيم جديد للتنظيم، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، تستمرّ هذه الاستراتيجيّة. إذ يسعى القرشي للاستثمار في نساء التنظيم مجددًا لتنفيذ عمليات إرهابية، وتوظيفهن في «هجمات محتملة»، وفي تغذيتهن عقول الأطفال بالأفكار المتطرفة، لا سيّما أنّ النساء لديهنّ قدرة على التجنيد بصورة فعالة عبر محادثات من خلال منصات التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى إصرارهنّ على التمسك بتوجهات التنظيم، رغم كل الهزائم التي تعرض لها. ويعود ذلك إلى محدودية ثقافتهن الدينية.
يعتمد دور النساء في ظل قيادة القرشي على أساليب البغدادي نفسها، من حيث الاعتماد عليهنّ في عمليات التجنيد، ودعم أزواجهنّ لنشر العنف، والمشاركة في العمليات الإرهابية. فضلًا عن أنّ دور النساء في داعش لا يتمثل في حمل الأسلحة فحسب، إذ لعبن في وقت سابق دورًا محوريًا من وراء الكواليس، فالنساء كانت لديهنّ القدرة على تجنيد المزيد من المتطرفين بصورة فعالة عبر محادثات طويلة، ولديهنّ دور أعمق في زرع المذهبية، من خلال الاشتراك في تجنيد أخريات عبر منصات التواصل الاجتماعيّ.
ففي هذا السياق، كان تقرير أصدرته مجموعة «غلوبسك» غير الحكومية في سلوفاكيا، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، قد حذر من أنّ «الداعشيات يشكّلن تهديدًا خطيرًا، وهنّ مستعدات لشنّ هجمات في أي وقت». وأكد التقرير أنّ «هؤلاء النسوة لم يكنّ فقط عرائس للمقاتلين في داعش، فبعضهن خططن لهجمات، وعملن على استقطاب مجندات، ونشطن في مجالي الدعاية والتمويل».
لقد أعطى داعش أهميّة خاصة للنساء، لكونهنّ أفضل أداة لنقل أفكاره المتطرفة، فالدور الرئيس الذي كانت تلعبه النساء في بداية نشأة التنظيم هو الإنجاب، وتلقين أبنائهن الفكر المتطرف، ثم تطور هذا الدور فيما بعد، لتلعب الداعشيات دورًا قويًا في الحفاظ على إرث التنظيم وأفكاره، خصوصًا أن العنصر النسائي يشكل نسبة كبيرة من مقاتلي التنظيم الآن، ودليلٌ على ذلك أنّ النساء أعلنّ مبايعتهنّ لزعيم التنظيم الداعشيّ كما حصل في مخيّم الهول في سوريا.