يحاول تنظيم داعش الإرهابيّ، الّذي انهزم هزيمة فادحة وخسر معاقله الّتي أسّسها في العديد من الدّول الّتي احتلّها، العودة من جديد لترميم صفوفه معتمدًا نفس الأساليب القائمة على الأيديولوجيا والمال، ومراهنًا على نفس الفئات التي تمكّن من استقطابها عندما كان في أوج قوته. ففي بدايات انتشاره، اعتمد داعش أساليب واستراتيجيّات مختلفة نجح من خلالها في استقطاب أعدادٍ لا بأس بها من العناصر والأفراد الّذين بايعوه وتدرّبوا على أساليبه القتاليّة بغية تنفيذ العمليّات الإرهابيّة الّتي تخدم أجندة داعش الإجراميّة. ليست هذه العودة تهديدًا عاديًّا، بل إنّ هذه الإطلالة بعد الهزائم والخسائر جاءت لتؤكّد مسعى التنظيم المتطرف إلى ضمان مستقبله عبر تجنيد قيادات جديدة تضمن بقاء الفكر الداعشيّ واستمراريّته حتى وإن لم تكن قوّة التّنظيم اليوم بنفس قوّته في السابق.
ويراهن التنظيم مجدّدًا على استهداف الفئات نفسها التي تمكّن من تجنيدها سابقًا في صفوفه وقاتلت في مناطق متفرقة من العالم. فالفكر الدعائي للتنظيم الإرهابي لم يتغيّر على الرغم من الهزائم والانكسارات، فهو تنظيم قائم على فلسفة استفزاز المشاعر وإقناع المدنيين بأنّ حكمه والحياة في كنفه هي أفضل من أي حكم آخر. كما أنّ الاستهداف الداعشي يبقى مركّزا بصفة تامة ومباشرة على من لديهم ارتباطات ولو من بعيد بفكره أو بممارساته مثل أسر وعائلات الجهاديين، الذين قُتلوا أو الذين ما زالوا قابعين في السجون.
والأخطر من ذلك أنّ داعش يخطّط لإغراء الفئات اليائسة والمهمّشة في بلدانها والتي يستهويها المال قبل الفكر المتطرف، إذ يعمل العناصر الداعشيين على اللّعب على مشاعر وعقول تلك المجموعات فيقنعها بأنها أقلية مضطهدة في بلدانها وأنّ السبيل الوحيد للتخلّص من الاضطهاد هو الانتماء إلى التّنظيم وتنفيذ أعماله الإجراميّة.
صحيحٌ أنّ داعش يحاول العودة ولملمة شمله في المناطق الّتي كان قد طرد منها، ولكنّ المدنيين الّذين وقعوا في السابق في شباك التنظيم أدركوا الحقيقة الحقيرة لهذا التنظيم ومدى خطورته، لذلك تخلّوا عن السذاجة وتحلّوا باليقظة والقوة ولن يعودوا يومًا إلى أحضان داعش الشائكة والمخادة.