وعود كثيرة تعطى للشباب الهشة لاستدراجها واستقطابها لتنظيم داعش, ولكن سرعان ما تكشف الحقيقة المرة عن التنظيم, ويدرك المجندين الجدد أن الوعود مجرد كلمات فارغة وأن قرارهم بالانضمام الى صفوف داعش ليس الا خطأ ذات كلفة باهظة. لطالما ادعت قادة داعش بمعرفة الاسلام وتعاليمه, وراحت تبشر بالطرق السليمة لتطبيق مفهومها المحرف للشريعة الاسلامية, فادعت الدفاع عن الأخلاق العالية والعيش الصحيح تحت راية ما أسمته الدولة الاسلامية. أما ضحايا هذا التنظيم فلهم أوجه متعددة, ومن بينهم من حسمت نهايته عندما اختار خوض درب الأرهاب رفقة منافقين داعش.
وعن اختبارات عناصر داعش في ظل التنظيم وفي ظلمة ارهابه ما سرد بعد الاعتقال أو الأنشقاق والاستسلام لتكشف الحقيقة عن واقع عاشوه بعيدا كل البعد عن وعود قدمت لهم عن دولة آمنة ودين مقدس وحياة مثالية. فملامح هؤلاء شبه الرجال شاحبة, ونظراتهم فارغة, وجوهرهم منطفىء بينما يشاركزن اختبارهم مع تنظيم خذلهم ودمر مستقبلهم, وهم مدركون جيدا أن لا عودة الى الوراء ولا مفر من عقاب مرير ومستحق. ومن بين المقاتلين المنشقين عن داعش أبو حمزة التونسي الذي شرح كيف أصبحت حياته بعد الانضمام الى داعش قتالاً مستمرًا في النهار والليل مضيفا أن القتلَ من دون تمييز ٍ بين مقاتلٍ ومدني.
وكشخص تائه في غابة مخيقة, قال أبو حمزة أنه شعر بأنه لا يفهم لماذا جاء ولأي قضية سخر حياته وخاطر بمستقبله, فالمقاتلون منعوا من طرح الأسئلة وحرموا حتى من فرصة التفكير فكانوا مبرمجين ومسيرين كالماشية. وقال أبو حمزة “نقضي يومنا في القتال، ولا شيء سوى القتال والغنائم، ليس لدينا موارد أخرى، ما نلتقطه نأكله، فمثلا نخرج صباحًا في مهمة في إحدى المناطق، وسواء تراجعنا أم نجحنا يذهب اثنان أو ثلاثة من المقاتلين ليأتوا بالطعام بأي طريقة، إما عن طريق دهم بعض البيوت أو قطيع أغنام.” إذا كان ما ينهبُه مسلحُ داعش بسيطًا ورخيصًا، يحقُ له أن يحتفظَ به، أما إذا كان ثمينًا فعليه أن يعطيَه لقائدِه ليتصرفَ به. وأضاف أبو حمزة: “عندما نقتحم بيتًا يكون الطعام والملابس لنا، أما الذهب والأموال فهي للقائد، فالأشياء القيمة يأخذها القائد لكي نشتري بها سلاحا وذخائ، والقادة يستطيعون التصرف بهذه الأموال.” فخلاصة شهادة أبو حمزة المنشق عن داعش أن قتلٌ، سرقةٌ وسلبٌ، تعليماتٌ تُغرسُ في نفوس مجندي داعش الجددِ منذ لحظةِ إنتسابِهم للتنظيم.