في جيوش البلدان النظامية غالبا ما يضحي القائد فداء عن جنوده وهو الأخير لمغادرة أرض المعركة فإما يعود منتصرا مع عسكره أو يموت شهيدا ويمزج دمائه مع دماء جنوده بكرامة واعتزاز ووفاء لوطنه وقسمه.
مواصفات الشهامة هذه يفتقدها قادة الدواعش الذين لا يعرفون لا الولاء ولا الشجاعة ولا العنفوان، تنظيم داعش الإرهابي المبني على الكذب والخداع والرعب والإرهاب افتكروا أن بالقتل والهدم والترهيب والاستبداد يبنون دولة ويطبقون نظام فاكتشفوا أن لعبتهم باطلة ونهايتهم آتية لا محال فلاذوا بالفرار تاركين وراءهم مقاتلين بدون قائد وعائلات منكورة ومنبوذة ومهمولة.
ليس هناك خيار آخر لبقايا الدواعش وقادة هذا التنظيم الإرهابي إلا الهروب بشكل جماعي في ليبيا والعراق وسوريا وكل مكان يتواجدون فيه وخصوصا من مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية باتجاه مدينة دير الزور وتلعفر.
وأُعْلَنَ تحرير الموصل قبل نحو أسبوعين على يد القوات العراقية المشتركة، وفي مدينة الرقة خسر التنظيم أغلب أحياءها في معارك تخوضها قوات سوريا الديمقراطية.
لكن الأحداث تتكرر في كل زمان ومكان يتعرض فيه التنظيم الإرهابي للخسارة، فيلجأ قادة التنظيم كما هو معتاد، إلى أساليب مختلفة من أجل الهرب، تاركين خلفهم بقية المقاتلين على الجبهات، أمام خيارين لا ثالث لهما، إما القتال حتى الموت، أو الاستسلام والاعتقال.
وهناك عدة شهادات لمقاتلين في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، تحدثوا عن هروب قادتهم منذ بداية المعارك في مدينة الموصل العراقية وكيف يرفض أهالي مقاتلي داعش تسلم جثثهم في ليبيا ليبقى في النهاية مصير المقاتلين مجهولا، بينما يتنقل قادتهم من مكان إلى آخر للنجاة بأرواحهم، واستدراج غيرهم إلى ساحات القتال، ليلقوا نفس المصير.
ويشهد تنظيم داعش الإرهابي في دير الزور حالة من اليأس وعدم الاستقرار، وذلك بعد تضييق الخناق عليه أكثر فأكثر وانحسار مناطق احتلاله، ما حذا بالعديد من قادة الصف الأول إلى الانشقاق والهروب خارج المناطق التي يحتلها.
ويعاني البيت الداخلي للتنظيم الإرهابي من حالة الهيستريا في إصدار القرارات، من عزل لبعض القياديين واستبدال آخرين واعتقال البعض، وهروب عدد آخرين، كل ذلك يوحي بحالة التخبط والخوف التي يعيشها التنظيم.
وبدأ التنظيم يفرض على مقاتليه قرارات غريبة، الغاية منها الحد من هروبهم، فتارة يمنعهم من استخدام صالات الإنترنت، وأخرى يلحق أفراده الإداريين بجبهات القتال، وتارةُ يمنع تنقل وسفر مقاتليه إلا بعد حصولهم على موافقة سفر من قبل شرطته، إن اضطر أفراده للسفر من منطقة لأخرى ضمن مناطق احتلاله.
ولا يزال تنظيم داعش الإجرامي يتبع سياسة الإقصاء، فاعتقل مؤخرا رئيس جهاز الحسبة السابق في قرية حطلة بريف دير الزور، المدعو أبو عزام، ومن المرجح أن سبب ذلك هو محاولة الأخير الهروب من مناطق احتلال التنظيم بعد أن تم عزله مؤخرا.
وازدادت الانشقاقات في صفوف التنظيم الإرهابي، وآخرها هروب مساعد أمير حسبة التنظيم في بلدة العشارة، المدعو حامد النوري الملقب بأبو حمزة القرعاني، مع عدد آخر من عناصر التنظيم في المنطقة.
كما فر مسؤول المكتب الدعوي التابع للتنظيم الإرهابي في قرية محيميدة، المدعو أبو أنس الحلبي مع ستة من أفراد التنظيم، وهرب مسؤول العلاقات العامة المدعو ساير حمود أبو الفدا، من أبناء قرية القورية، وبركات المطلب من أبناء قرية العشارة، خارج مناطق احتلال داعش.
وخسر التنظيم أمير حسبته في العشارة المدعو أبو مشعل الجزراوي، والذي قُتل مع أحد مرافقيه أبو حمد الجزراوي، جراء استهدافهما بغارة من قبل طائرات التحالف الدولي.